تميزت مصر بمناخها المعتدل وتربتها الخصبة الغنية بالطمي الذي تكون بفعل فيضان نهر النيل كل عام، ونتج عن تلك الظروف الملائمة للزراعة بناء حضارة مصر الزراعية منذ الآف السنين، ونجح المزارع المصري في زراعة العديد من المحاصيل والفاكهة المميزة، ومنها ما يحتل الصدارة في الأسواق العالمية مثل محصول المانجو و محاصيل الموالح بأنواعها المختلفة.
ومع اختلاف ظروف المناخ وتغير درجات الحرارة والرطوبة وزيادة مخاطر الاحتباس الحراري، تغيرت خريطة الزراعة في مصر بشكل كبير وأصبحت التقلبات المناخية ومشاكل اجتياح العمران للأراضي الخصبة عائقاً في نجاح المنظومة الزراعية في مصر، وأصبح لزاماً علينا إيجاد بعض الحلول المنطقية لحل مشاكل الزراعة المتزايدة وتوفير غذاء صحي وآمن للمواطن المصري.
ومن أهم الحلول لمواكبة التغييرات والعوائق المتعددة في الزراعة هي الصوب، دعني أخبرك أكثر عن نظام الزراعة في الصوب وفوائده الكثيرة وكذلك أهم الأنواع.
تاريخ الزراعة في الصوب في مصر
ظهر نظام الزراعة في الصوب في مصر في فترة الثمانينات في جزيرة الدهب، وكانت الصوب عبارة عن صوب بلاستيكية بسيطة وانتشرت بعد ذلك في مناطق متفرقة في مصر، ومع الوقت ومع إثبات كفائتها في زراعة العديد من المحاصيل في غير وقتها الموسمي زادت ظاهرة الزراعة في الصوب في مصر بل وأصبحت من أهم السبل للحفاظ على القطاع الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي القومي.
وتكمن أهمية الصوب في سهولة التحكم في درجات الحرارة والرطوبة بها، ذلك الأمر الذي يمكننا من زراعة المحاصيل طوال العام لا في وقتها الموسمي فقط.
ما هي فوائد الصوب الزراعية؟
مما لا شك فيه أن اكتشاف طريقة الزراعة في الصوب هو أهم طرق التنمية الزراعية؛ حيث تعددت فوائدها وكانت حلاً مثالياً لمواجهة مشاكل تقلص الرقعة الزراعية المتزايدة يوماً بعد يوم، ومن أهم فوائد الصوب الزراعية الآتي:
- زيادة الإنتاج الزراعي: اتجهت مصر لزيادة إنتاجها الزراعي لمواكبة الكثافة السكانية في السنوات الأخيرة، فالزراعة في الصوب توفر غذاء صحي ومحاصيل صالحة في جميع فصول العام وليس في موسم واحد مثل الزراعة في الأراضي المكشوفة.
- الحفاظ على ثروة مصر المائية: لا يخفى على الجميع مشاكل الري التقليدية وما ينتج عنها من تلف في التربة وتهدير في مصادر الماء العذب، ومع توقعات انخفاض حصة مصر من مياه النيل كان لزاماً علينا أن نتعامل مع الماء بصورة أكثر نضجاً وترشيداً، واستخدام الصوب الزراعية يساعد في ترشيد الماء المستهلك في الري ويقلل من الماء المستخدم بما يقرب من 40% من الاستهلاك الطبيعي.
- تحقيق الأمن الغذائي القومي: تستورد مصر سنوياً كميات كبيرة من محاصيل أساسية وأهمها القمح، ومع زيادة سعر الدولار واندلاع الحرب الروسية الأوكرانية زادت الأسعار وأصبح مستقبل المحصول الاستراتيجي المصري الأول في خطر، فلا غنى عن رغيف الخبز بأي شكل من الأشكال.
- وباتت الزراعة في الصوب بمثابة الحل الأمثل لتوفير المحاصيل في جميع أوقات العام، لاسيما مع تقلص مساحة مصر المزروعة وتعرض التربة للعديد من المشاكل، ومع استخدام الصوب بكثافة سيقل بالتدريج الاستيراد وتقل الأزمات الاقتصادية المتعلقة به وسيتحقق الأمن الغذائي للبلاد.
- زيادة الصادرات: تمتعت مصر بسمعة طيبة في الأسواق الدولية ويزداد الطلب دوماً على محاصيلها المميزة كالموالح والمانجو، والزراعة في الصوب توفر محصول ممتاز قادر على المنافسة بجدارة في الأسواق العالمية.
- الاستخدام الأمثل للتربة: في ظل العبث الذي أنهك التربة الزراعية الخصبة من تجريف وتلوث وغزو عمراني وقلة كفائة، أصبح الاستغلال الجيد للتربة الزراعية في الصوب أمر شديد الأهمية للحصول على إنتاج عالي من المحاصيل.
- توفير فرص عمل: تُتيح عملية الزراعة في الصوب آلاف الفرص للشباب وتساهم في القضاء على البطالة؛ فتعليم الطرق الحديثة في الزراعة والري والتسميد بأحدث الطرق الجديدة في الصوب يساهم في توفير العديد من الفرص.
- انخفاض أسعار الخضراوات والفاكهة: تطبيقاً لنظرية العرض والطلب فإن زيادة المعروض من الخضروات والفاكهة طوال العام باستخدام الصوب الزراعية يقلل من فرصة زيادة أسعارها في الأسواق المحلية.
- تقليل استخدام المبيدات: توفر الصوب الزراعية بيئة آمنة خالية من الحشرات والآفات، ولذلك فلا حاجة لاستخدام المبيدات الحشرية والأسمدة التي يمكن أن تضر الإنسان والحيوان أيضاً.
ما هي أهم أنواع الصوب الزراعية؟
تعددت أشكال وأنواع الصوب الزراعية منذ أن ظهرت وحتى هذا الوقت، ومن أهم أنوعها الآتي:
-
الصوب الخشبية: عبارة عن صوب مصنوعة من الخشب ومثبتة على قواعد الأسمنت أو الطوب؛ لمنع تسرب الرطوبة للمحاصيل.
-
الصوب الزجاجية: وتُستخدم في الغالب لزراعة الزهور ونباتات الزينة.
-
الصوب البلاستيكية: شكلها يشبه الصوب الزجاجية ولكنها مصنوعة من مادة البولي ايثيلين، وتُستخدم لحماية المحاصيل من درجات الحرارة المرتفعة والرياح والأمطار.
-
صوب الهياكل متعددة الإمتدادات: وتتميز هذه الصوب بمساحتها الصغيرة بالمقارنة بباقي أنواع الصوب، وتصلح لزراعة المحاصيل في الأماكن التي تشتهر بكثرة العواصف والرياح.
-
الصوب المنعزلة: وهذه الصوب يتم هيكلتها بصورة مختلفة عن باقي الصوب، وفيها بعض الثغرات التي تسمح بدخول ضوء الشمس والهواء بداخلها.
-
الصوب المحمية: وتلك الصوب يتم تغطيتها ببعض المواد؛ حتى نتغلب على مشكلة الحشرات والآفات، وبهذه الصوب يتم توفير بيئة مناسبة لنمو النبات في ظل الظروف المناخية القاسية في بعض البلاد.
-
صوب أهم المحاصيل: وتتميز بشكل وهيكل من نوع خاص، وفيها يتم الحفاظ على بعض المحاصيل من عوامل البيئة التي يمكن أن تؤدي إلى تلفها مثل الأمطار وانخفاض درجات الحرارة.
-
صوب التكنولوجيا المنخفضة.
-
صوب التكنولوجيا المتوسطة.
-
صوب التكنولوجيا العالية.
وهناك بعض العوامل التي تساعد في نجاح منظومة الزراعة في الصوب ومن أهمها الآتي:
-
المكان: يجب أن يتم اختيار مكان الصوبة قبل أي شئ؛ فهناك بعض الصوب التي لا تتحمل تيارات الهواء مثل الصوب البلاستيكية، وعند استخدامها يجب التأكد من بناء مصدات الرياح حولها، كما يجب أن يكون المكان قريباً من الأراضي السكنية لكي يتسنى للعمال العمل به، كما أن مكان الصوب يجب أن يكون في المدن الكبيرة وبجانب مصادر توزيع وتصريف الإنتاج.
-
ضرورة توفير جميع مستلزمات الصوب الزراعية من الأسمدة أو المرشات أو الأصص باستمرار.
-
تساعد التربة الخصبة الجيدة في الصرف والتهوية والمستخدمة في الزراعة في الصوب على نجاح الصوب في توفير المحاصيل.
-
يجب التأكد من تعقيم التربة بالحرارة أو ببعض المواد الكيميائية قبل وضعها في الصوب؛ للتأكد من خلوها من الآفات والحشرات الضارة.
-
يجب أن يكون هناك مصدر دائم لمياه الر.
-
يجب أن يتم توفير مصدر بديل للتيار الكهربائي الأساسي؛ فلا يمكن أن تقوم الصوب بمهامها حين ينقطع التيار ولضمان عمليات التهوية والتدفئة والتحكم في درجات الحرارة علينا أن ننتبه لتلك المعلومة.
-
اختيار المحاصيل المناسبة، فهناك أنواع من المحاصيل التي نجحت زراعتها في الصوب ومن أهمها الخضروات والفاكهة، وهناك بعض المحاصيل التي لم يتم زراعتها بعد في الصوب.
-
الرقابة الصحية المستمرة على محاصيل الصوب؛ للتأكد من عدم ظهور الآفات بها والتي من الصعب السيطرة عليها في الصوب الزراعية.